منذ تبوأت حماس رأس حربة المقاومة الفلسطينية، ومنذ نجحت حماس في تبوء قمة سلم الديمقراطية لتتربع على كرسي الحكم في فلسطين، فقد أضحت حماس اليوم ليست حماس قبل عشرون عاما، حيث تبوأت حماس منزلة عظيمة من الصراع بين قوى الحق وقوى الشر الذي بلغ أشده مع بداية هذا القرن، وأضحى أمام حماس مستقبل مفتوح وواعد وولد لديها طموحات كبيرة.
حيث لم تعد حماس مجرد فصيل يبحث له عن موطئ قدم في حلبة الصراع السياسي المحلي والإقليمي، بل أصبحت حماس تمثل قوة إقليمية يحسب لها كيان الاحتلال ورعاته من الأوروبيون والأمريكان والأنظمة العربية المجاورة ألف حساب.
كما أصبحت حماس اليوم تنوب عن الأمة الإسلامية في الدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، حيث تحول حماس اليوم دون استمرار مسلسل التفريط بالثوابت والتنازل عن الحقوق، كما أنها أصبحت مؤتمنة على القضية لفلسطينية وتحمل الهم الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني يتطلع إلى حماس ويعلق عليها آمالا كبيرة في تحقيق طموحاته وتحريره من الاحتلال وتحقيق مصيره بعد تحرير أرضه واسترداد حقوقه. لكل ما سبق بات يتوجب على حماس أن تغير خطابها الإعلامي لجهة مواكبة المكانة العظيمة التي تبوأتها والأمانة العظيمة التي اضطلعت بحملها، حيث أضحى المطلوب خطاب إعلامي :
- يجمع ويوحد، وخطاب إعلامي يتخلص من ضيق المحلية وينطلق نحو العالمية.
- خطاب إعلامي تترفع فيه حماس عن المناكفات مع الآخرين دون مجاملة أو نفاق.
- وخطاب يمثل المشروع الإسلامي الطموح الذي تبنته حماس وبدأت أولى خطواته.
- خطاب يتخلص من الإغراق في التفاصيل المحلية نحو الكليات العربية والإسلامية والعالمية.
- و خطاب يوحد جهود الأمة، ويستغل طاقاتها الهائلة ويصهرها لتصب في بوتقة مخطط إسلامي تحريري طموح يحاكي بل ويتفوق على المخطط الصهيوني الذي انطلق في نهاية القرن الثامن عشر لإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
ولا نعني بخطاب إعلامي مختلف العودة من نقطة الصفر للبناء وخاصة في المجال الإعلامي حيث نجحت حماس وعلى مدى العشرين عاما الماضية من تحقيق كم هائل من الانجازات والقفزات الإعلامية الكبيرة كامتلاك فضائية، ومرئية، وصحيفة يومية وأخرى أسبوعية ومجلة نسائية إضافة لعدد كبير من مواقع الانترنت، والنشريات النقابية والكتلية.
ولكن المطلوب الآن البناء على ما تم فما حققته حماس إعلاميا ليس باليسير فحماس استطاعت رغم التجربة الإعلامية القصيرة أن تصد كثير من الشائعات المدمرة بكل قوة لا بل ونجحت في توظيفها أحيانا لصالحها واستغلت نقاط الضعف التي غالبا ما ترافق هذه الشائعات حتى وصل المجتمع إلى قناعة أن كل ما يطرح من قبل المعادين لها محض شائعات فعزف الناس عنها .
كما لا بد من تكملة البناء أفقيا وعموديا وخوض جميع الميادين الإعلامية مع الأخذ بعين الاعتبار موقع حركة حماس وان كان ما يواجه حماس إعلاميا يفرض أولوية على إعلامها التصدي له.
كما يفرض على حماس استفزاز احتياطي الإمكانيات إن جاز التعبير واستفزاز القدرات للذهاب بها إلى أقصى حد يمكن كي يضع إعلام حماس عند أعتاب الدرجة التي نريد دون الاستغناء بها عن الألوية القائمة الآن، وهذا لا يعني أن تبقى حماس في موقف المدافع ولكن التنقل بين الدفاع والهجوم والتقدم .
ونحن إذ نتحدث عن الخطاب الإعلامي، فنقصد الخطاب السياسي أيضا الذي يخرج إلى العالم من خلال الخطاب الإعلامي. فنحن الآن أمام مرحلة جديدة من تاريخ الحركة وتاريخ الشعب الفلسطيني، وهذا بالتالي يتطلب تجديد الخطاب الإعلامي بما يلاءم هذه المرحلة.
كما نقصد بالخطاب الإعلامي المختلف: الخطاب الإعلامي الجديد الذي يتسم بمفردات مقبولة محليا وإقليميا وعالميا لدى الشعوب العربية والإسلامية. الخطاب الإعلامي الذي يرتاح له المواطن الفلسطيني محليا، في الداخل والخارج، وبما أن حركة حماس حركة تحرر وطني للكل الفلسطيني فعليها أن تراعي في خطابها فلسطينيي الشتات واللجوء وهم الأكبر عددا والأكثر إمكانيات وطاقات، والأشد شوقا وحماسة للعمل والتضحية والابداع.
المطلوب الخطاب الإعلامي الذي يزرع الولاء والمحبة في قلوب العرب والمسلمين ويشدهم نحو إنجاح المشروع الإسلامي الذي تتبناه حماس وتحمله. الخطاب الإعلامي الذي يشرح القضية الفلسطينية بأدوات فكرية وثقافية عالمية وليس محلية فقط، ويخاطب العالمين باللغة التي يعرفونها ويفهمونها.... طبعا وكل هذا مع الاحتفاظ بالثوابت وعدم المداهنة أو النفاق أو المجاملة على حساب الحقوق والثوابت والشرع.
والخطاب الإعلامي الذي يناسب المرحلة الراهنة هو:
1- الخطاب الذي يتسم بالمصداقية وينقل الصورة الحقيقية للأوضاع التي تعيشها الأراضي الفلسطينية بموضوعية وبطريقة يستوعبها الشعب الفلسطيني والعالم ويتفهمها ويتقبلها في سياق الصراع مع الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي يمارس أبشع وأشد أنواع القمع والإرهاب ضد الشعب وفي سياق المخطط الأمريكي الذي يقوم على الفوضى الخلاقة وإشعال النزاعات الداخلية.
2- الخطاب الموجه إلى الشعب الفلسطيني كله بعيدا عن الفئوية الضيقة والهادف إلى توحيد المواقف والجهود لمواجهة الاحتلال وشركائه.
3- الخطاب الذي يساعد على إقناع الشعب والعالم بمواقف حركة حماس كحركة مقاومة هدفها التحرير وليس الحكم والاستئثار، وإقناعهم ببرنامجها السياسي بطريقة علمية مدروسة غير تصادمية تقوم على المنطق والبراهين وبلغة يفهمها الجميع، وإقناعهم بأن المعركة الحقيقية هي بين حماس ومعها الشعب الفلسطيني وبين الاحتلال ورعاته الغربيين وأذنابهم.
4- الخطاب الذي يركز على دور حماس في التصدي للمخططات الصهيوصليبية التي تستهدف وجود أمتنا وتمكين كيان الاحتلال من مد أذرعه المدمرة إلى قلب العواصم العربية وبعدها إلى قلب العواصم الإسلامية لإقامة علاقات طبيعية مع الأنظمة والشعوب فيسهل على الغرب تحقيق أطماعه في إذابة الثقافة الإسلامية وطمس هويتنا الإسلامية وبالتالي القضاء على كيان الأمة الإسلامية.
5- الخطاب الذي يحمل الحركات الإسلامية السياسية والجهادية واسعة الانتشار مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية وجبهة الصراع بين الغرب والصهاينة وبين الإسلام والمسلمين.
6- الخطاب الذي يستحث الجهود ويفجر الطاقات ويستلهم الشباب المسلم في فلسطين وفي كل مكان ويفتح أمامهم آفاقا جادة وجديدة لمواجهة العدو الصهيوصليبي الذي يتربص بأمتنا في سياق الصراع الحضاري الراهن بين الأمة الإسلامية والغرب المتغطرس
موضوع: حماس في ذكرى انطلاقتها العشرين 
