أبو حسين عضو فعال
عدد الرسائل : 73 البلد : جباليا المسجد : العمري تاريخ التسجيل : 16/12/2007
| موضوع: السعادة الحقيقية الأربعاء 02 يناير 2008, 2:03 pm | |
| السعادة الحقيقية تعاني أعداد هائلة من الناس في هذا الزمان من المتاعب ومن الضغوط، والأماني والطموحات والطلبات الكبرى في حالة من الاتساع المستمر. ولا غضاضة في الطموح، ولا غضاضة في السعي وراء النجاح، وعلى العكس من هذا، فشيء ضروري أن يكون فينا طامحون، وأن يكون فينا طالبون كثرًا للنجاح؛ حتى نقوى، فإذا حدث نوع من الطغيان في هذا الجانب نعود ونتوازن مرة أخرى، لكن ما أريد أن أذكره: إننا إذا لم نفكر بطريقة جيدة فقد نشعر بأننا تُعساء مع أننا في خير عظيم.
بعض الناس لديهم أشياء كثيرة، لديهم صحة وعافية ومال وزوجة وأولاد وأقرباء، ولديهم أمن واطمئنان وسرور وخير.. لكنهم يشعرون دائمًا بأن الهناء الذي يحلمون به هو شيء أمامهم، وليس شيئًا تحت أيديهم.!
وهذا يحتاج بالتأكيد إلى تصحيح للإدراك، وتصحيح فهمنا للأشياء، وشيء سيء جدًا أن تشعر بأنك تعِسٌ، والسعادة أمامك. وهذا كمثل الذي يلاحق ظله، وباستمرار أو يركض وراءه، والظل يركض، والنتيجة لا شيء.حتى نشعر بأننا سعداء حقًا، وحتى لا نزدريَ نعمة الله علينا، يجب أن نُكثِر من الثناء على الله، وأن نحمده على القليل والكثير، كما قال أحدهم: قليل منك يكفيني ولكن ***قليلك لا يقال له قليل فنحمد الله على ما أولانا من نعمه، وهذا الحمد فوق أنه باب من أبواب الثواب، فهو ضروري من أجل توليد الإحساس بالنعمة والخير والفضل من الله. وشكر الناس على معروفهم يولد لدينا هذا الإحساس، يولد لدينا شعورًا بأننا في نعمة وفي خير، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله".
نحن سنسلك الطريق الحسن، ونتأدب بالأدب الذي يجب أن نتأدبه في هذا الزمان إذا تمتعنا بالشيء الذي بين أيدينا، وبدلَ أن ننظر إلى من أوتي أكثر من هذا ننظر إلى المحرومين ما بين أيدينا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله". فالنظر إلى السعادة على أنها هدف بعيد، وأنها شيء نسعى إليه.. هو نظرٌ خاطئ، وأعتقد أنه سوف ينقضي العمر بأكمله، وسيشعر هذا الرجل الذي يملك كل أسباب السعادة بأن السعادة أمامه وأنه محروم منه. قد عرّف أحدهم السعادة قائلاً: "السعادة أن تشعر بأنك سعيد".. فإذاً لماذا نحن لا نرتاح ونطمئن ونسعد بالشيء الذي بين أيدينا بدل أن نشعر بالحرمان والتعاسة والقلة..؟ إن هذا يحتاج إلى شيء من إدارة الإدراك.
يذكرون قصة رمزية ولا أستغرب أن تكون حقيقية، وربما تتكرر عشرات المرات في الحياة: كان رجل يصيد السمك، واتخذ من الصيد هواية، جاء إلى صديق وقال له: ماذا تفعل.؟ فقال: أصيد السمك. قال له: هناك أرض مميزة ما في رأيك أن نشتريها بأموالنا، ونبني عليها بيتًا، ونبيع ذلك البيت.؟ فقال له: ماذا سنفعل بعد أن نبيع هذا البيت؟. قال: نحن إذا عمرنا الأرض وربحنا، فسوف يكثر المال الذي لدينا، وسنشتري أرضًا أكبر، ونبني عليها خمسة بيوت، ونبيعها أيضًا، ونربح فيها. فقال له: ثم ماذا بعد..؟ قال: نقيم مشروعًا أكبر، ونبني عشرين بيتًا وهكذا.. فقال له: ثم ماذا بعد؟ قال له: بعد ذلك يتوافر لدينا مال كثير نكل استثماره إلى أحد، ومن ريع هذا المال نعيش، ومن ثم نأتي ونصيد السمك..! فقال له: بعد رحلة عشر أو خمس عشرة سنة من العناء والركض سأنتهي أنا وأنت لصيد السمك.. والآن أنا أصيد السمك، فما الفائدة من أن تمنيني بشيء هو عندي، تمنيني أنني سأناله بعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة.!؟ هذه الصورة تتكرر في حياتنا بطريقة خفية إذا تأملنا ذلك. لنتذوق السعادة التي في قيام الليل، وفي الصدقة، وفي مناجاة الله، وفي التضرع والانكسار بين يديه.. هنا السعادة الحقيقية، وهي أن يشعر الإنسان بأنه يأوي إلى ركنٍ شديد، وأن يشعر بأن له ملاذًا، وربًا رحيمًا.. هذه المناجاة لله هي أكبر مصدر للسعادة في حياتنا، ولا سيما حين نستحضر حب الله ورضوانه عن الباذلين. قد تذوقنا بما يكفي لذة الأخذ ولذة الجمع، وآن لنا أن نتذوق لذة العطاء ولذة البذل ولذة المسح على رأس اليتيم ولذة الوقوف إلى جانب مضطر، أو محتاجٍ، أو إلى من يطلب المساعدة منا.. لنتذوق هذه اللذة؛ فهي اللذة الحقيقية، وهي اللذة الراقية والسامية. | |
|
أبو حسين عضو فعال
عدد الرسائل : 73 البلد : جباليا المسجد : العمري تاريخ التسجيل : 16/12/2007
| موضوع: رد: السعادة الحقيقية الأربعاء 02 يناير 2008, 2:04 pm | |
| تعزيز التضامن من أدب الزمان أن نشعر بأننا في حاجة إلى تعزيز التضامن، وتعزيز الروح الأخوية، وروح الزمالة، وروح الصداقة.. إن موجة الأنانية والبحث عن الخلاص الشخصي تزداد وتقوى في كل يوم؛ وذلك بسبب الهجمة المادية، وهذا يثير من الكثير من النزاع، والصدام، والكثير من الاختلاف. وتعزيز روح الأخوة، وتعزيز روح الصداقة، وروح الزمالة، وروح التضامن.. يكون بالتضحية، وتتجلى هذه التضحية إما في إعطاء ما نملك والتنازل عنه للآخرين، أو التسامح مع الآخرين في إساءةٍ تصدر منهم إلينا.
حين نغض الطرف عن الإساءات الأخطاء، ونتلقاها من الأصدقاء والزملاء بصدر رحب.. فهذا يعني أننا نمتن عرى الأخوة، وعرى الصداقة، وعرى الزمالة والقرابة. وحين ننفق على هذه الصداقة فهذا يزيد من عراها ولحمتها أيضًا، والعلاقات بيننا تحتاج إلى إنعاش وتدعيم، وأفضل دعامة يمكن أن ندعم بها هذه العلاقات هي التضحية، أي نعطي بعض ما نملك، ونضحي بشيء من الوقت، وبشيء من السمعة، وبشيء من الجاه، وبشيء من الحقوق في سبيل أن نمتن علاقة بعضنا ببعض، ونحن بهذا الأمر نكون اكتسبنا حقًا الأدب الذي يجب أن نتخلق به من أجل مواجهة أزمات زماننا، وهي أزمات كما ذكرت يكون مصدرها في كثير من الأحيان الأنانية والحرص على المصلحة الشخصية. | |
|
أبو حسين عضو فعال
عدد الرسائل : 73 البلد : جباليا المسجد : العمري تاريخ التسجيل : 16/12/2007
| |