وسيلة جديدة من وسائل الجهاد والمقاومة!!

مهرجان الرقص المعاصر في رام الله

وسيلة جديدة من وسائل الجهاد والمقاومة!!

د. زياد إبراهيم مقداد

مخطئ من يظن أن الجهاد محصور في مقاومة الأعداء بقوة السلاح وكثرة العتاد، فالجهاد له أساليبه ووسائله المتعددة، فالجهاد باللسان جهاد ومقاومة، والجهاد بالمال جهاد ومقاومة، ولكن في نظر حكام المقاطعة في رام الله هناك وسائل من الجهاد لم تعد صالحة في زمننا هذا زمن الحضارة والمدنية وحقوق الإنسان، وعلى رأس هذه الوسائل الجهاد بقوة السلاح، فهذه وسيلة غير حضارية بل همجية ويجب أن نسقطها من خيارات وبدائل المقاومة، أما الخيار الأمثل للجهاد والمقاومة في هذا العصر فهو الجهاد باللسان بالتفاوض مع الطرف الآخر، وشرط هذا التفاوض أن يكون من فصيلة "التفاوض طويل التيلة"!! عن طريق التفاوض لا يحده زمان ولا يمنعه مكان كي نثبت نحن الفلسطينيين للعالم أننا قوم متحضرون ومتطورون وأننا لسنا بإرهابيين ولا بمتطرفين، ولذلك فإن التفاوض من أجل استرداد الحقوق والمقدسات هو خط استراتيجي لا حيد عنه ولا بديل له... وكيف لا نتخذ من التفاوض طريقا للتحرير والمقاومة وهو يعلمنا الصبر على الأعداء! والتسامح في الحقوق! وإيثار الغير بالغالي والنفيس! حتى لو كان عدواً خسيسا، أليس الإسلام يدعو للصبر والتسامح والإيثار!؟ فنحن على خطى الإسلام نسير وبمنهجه نستنير.

ولكن لما تأخر قطف ثمار عملية التفاوض وعلم المفاوضون في قرارة أنفسهم أنه لا جدوى من مفاوضاتهم، تفتق عن العقل الفلسطيني الحاكم في المقاطعة وسيلة أخرى من وسائل الجهاد والمقاومة لتدعم العملية التفاوضية، أو على الأقل علّها تنفعنا في مشوار التحرير والمواجهة، خاصة بعد أن لاحت معالم فشل المفاوضات. إنها وسيلة مقاومة الأعداء بالرقص والغناء، وإقامة المهرجانات السنوية في ذلك واستدعاء فرق الفن والرقص الأجنبية والمحلية من كل الجهات.. وبالفعل قد بدأ مشوار المقاومة الفنية، لنثبت للعالم كله أنه كلما فشلت وسيلة سنبتكر أخرى شريطة أن لا يكون فيها حمل سلاح أو استعمال قوة وعنف...

بدأ مشوار المقاومة الفنية متمثلا في مهرجان الرقص المعاصر في العام 2006م، وتكرر في العام 2007م، وها هو يُعقد في هذه الأيام في العام 2008م ولكن هذا المهرجان يُعقد هذا العام والحال مختلف عن الأعوام السابقة.

يُعقد مهرجان الرقص المعاصر هذا العام وقطاع غزة محاصر بل مخنوق، ودم شبابه وشيبه ونسائه وأطفاله يهرق على أيدي الغاصبين ليل نهار، وبيوت أهله تقصف وتهدم على رؤوس ساكنيها، ومزارعهم تجرف وتدمر..

وفوق هذا وذلك يمنع أهل قطاع غزة من الوقود الذي به قوام حركة البلاد، ومن الغذاء والدواء الذي به قوام حياة العباد، ومن كل مقومات الحياة البشرية..

في هذا الوقت يُقيم إخواننا في المقاطعة مهرجانهم السنوي للرقص المعاصر.. ولئن سألتهم هلا توقفتم هذا العام عن عقد مهرجانكم هذا؟ هلا استحييتم قليلاً؟ فإخوانكم محاصرون يقتلون، يُشردون، يُهدَّمون، يخنقون.. قالوا: إن مقصدنا من عقد هذا المهرجان في هذا العام بالذات وفي هذا الحالة المأساوية لأهل غزة بالذات، هو دعم صمود المحاصرين في غزة!!، ومواصلة الكفاح والمقاومة بكل وسائلها "إلا....." حتى يُفك الحصار عن غزة...

ثم إن هذا المهرجان سيغذي الجانب الروحي عندكم ويُسلي النفوس والقلوب التي أظلها الاكتئاب والقلق، وسيمتع العيون والآذان بهز الخصر وتكسر الجسد وحلو الغناء وغنج النساء.. أليس في ذلك نصرة لكم... إننا نشعر بشعوركم ونحس بمعاناتكم ولذلك فإننا نقيم هذا المهرجان من أجلكم.. فلا تسيئوا فينا الظن يا أهل غزة.. فهذا مهرجان الصمود والتصدي وهذا مهرجان فك الحصار عن بلدي

وهذا مهرجان المقاومة والنضال الشعبي

وإننا من هنا من المقاطعة ننصحكم يا أهل غزة أن تبادروا وتسارعوا بعقد مهرجان رقص معاصر مماثل في غزة فإنه أقرب الطرق لفك الحصار وتحرير الديار!!!

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد...